انعكاسات وتجليات اسم الله العظيم على حياة المسلم:
اعلم أخي المسلم أنه إذا ذكرت اسم الله تعالى العظيم، وآمنت به حق الإيمان، فإنه يتحقق عدة فوائد:
الأولى: أن يدفع المسلم إلى علو الهمة، والجدية في الأمور، والطموح إلى المعالي، والترفع عن الدنايا والصغائر، ويدفعه إلى التمسك بما يلي:
- جعل الإيمان مقارنًا للعمل الصالح، حيث إن العمل هو الظاهرة المادية الواضحة والملموسة لخلق علو الهمة .
- حث المسلمين على الترفع عن الصغائر والدنايا، والحرص على الغايات المثلى، والطموح إلى المعالي .
- توجيه المسلمين إلى العمل والكسب والحصول على أرزاقهم عن طريق الكدح والمشي في مناكب الدنيا .
- ذم المسألة والحث على الترفع عنها، واعتبار اليد العليا خير من اليد السفلى.
- أمر المسلمين بمجاهدة النفس، وعدم الانصياع لشهواتها.
- الحث على الجهاد والتضحية في سبيل الله بالنفس والمال، وهذا أعلى درجات علو الهمة .
- ذم التواني والكسل والخمول، والدعوة إلى العمل الجاد .
- الدعاء إلى البعد عن الهزل، والانشغال بسفاسف الأمور التي لا طائل منها.
- الحث على طلب الأسوة والقدوة من الرسول – صلى الله عليه وسلم – والتأسي بصحابته الكرام رضوان الله عليهم، الذين ضربوا أروع الأمثلة في علو الهمة .
- تذكير المسلمين بأنهم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر، وهذا يتطلب منهم الحرص على المعالي من الأمور والترفع عن الدنايا .
- تذكير المسلمين بالدار الآخرة الباقية، ليهون في أعينهم كل متاع الدنيا، وللفوز بالنعيم الدائم في الحياة الآخرة .
- الحث على التوجه لله – تعالى – بالدعاء لطلب العون منه على أداء العمل على الوجه الذي يرضيه سبحانه .
الثانية: يدفع المسلم إلى أن يكون معتدلًا:
إن الاعتدال معناه الوسطية في كل الأمور بلا إفراط، ولا تفريط، قال – تعالى -: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيم}[البقرة:143].
وإذا كان الإنسان يتفاعل مع الحياة يؤثر فيها، ويتأثر بمن حوله، فهو معرض لأن تتجاذبه الأهواء والتيارات، وتذهب به إلى أقصى اليمين، أو إلى أقصى اليسار، فماذا يفعل الإنسان في مثل هذه الحالات ؟ على الإنسان المسلم السوي المعتدل في حياته أن ينهج النهج الإسلامي الذي أمدنا به الشرع الحنيف .
فمثلًا في مجال الحياة المادية والرغبة في الحصول على المال لتلبية متطلبات الحياة الباهظة في هذا العصر، هل يجمع المال من أي طريق، وبأي أسلوب؟ لا عليه أن يرضى بالحلال الطيب، وإن كان قليلًا، ويبتعد عن الحرام الخبيث، وإن كان كثيرًا، الرسول – صلى الله عليه وسلم – قد وضع لنا قاعدة عامة هي قوله – صلى الله عليه وسلم -: «اسْتَفْتِ قَلْبَكَ وَاسْتَفْتِ نَفْسَكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي النَّفْسِ وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ » ( ).
فعفة النفس نعمة، والاكتفاء نعمة، وهناك حاجات أساسية لو توفرت للإنسان لكفت حاجته، قال – صلى الله عليه وسلم -: «من أصبح منكم آمناً في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بأسرها»
ولا يتصور أحد أن الإسلام يضع قيودًا على أصحابه في السعي للحصول على المال، ولكن القيد الوحيد هو الوقوف عند حدود الحلال والحرام، فإذا أحسن المرء اختيار الوسيلة، واتقى الله عز وجل، واعتدل، فهذا شيء يحبه الإسلام ويرغب فيه، وأمر أتباعه بالسعي إليه.
والإسلام ينهانا عن البخل، وعن الإسراف، ويأمرنا بالاعتدال في أموالنا، قال – تعالى -: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا}[الفرقان:67]
ومن الاعتدال في الإسلام ألا ينسى المسلم إخوانه المسلمين الذين طواهم الجوع من شدة الفقر والحرمان، وأن يحذر من البخل من الشح .
الثالثة: يدفع الإنسان المسلم بالتمسك بآداب التعامل مع الناس، وذلك كما يلي:
1- أن نبدأهم بالسلام، وببشاشة الوجه ومساعدة الناس عند الحاجة والضرورة، وأن نحب الخير لهم، ونبتعد عن إيذائهم، ويحسن معاملتهم .
2- أن نقضي حاجاتهم، ونسعى في مصالحهم وأمورهم.
3- من أدب التعامل مع الناس شكرهم الناس على معروفهم.
4- من أدب التعامل مع الناس احترام شعورهم، وذلك بعدم التعرض لهم، ولا لذويهم بالإهانة أو التجريح، ولا نسفه عقائدهم، ومن هذا القبيل عدم الأكل أمام الصائم، وعدم الضحك أمام الحزين، وألا ندخن أمام مريض، أو رفيق في السفر يتضايق من ذلك، وألا نتعرض لأحد بالشتم أو اللعن، وذلك لأن اللعن هو الطرد من رحمة الله، ولا يجوز لغير الفاسق والمبتدع والكافر.