الموقظات والرقائق (290)
توقير النبي صلى الله عليه وسلم
فضيلة الأستاذ الدكتور/ أحمد عبده عوض
الداعية والمفكر الإسلامي
بسم الله الرحمن الرحيم
هناك سور معينة في القرآن الكريم ركزت على
مراعاة حق النبي صلى الله عليه وسلم وعلى رأسها سورة الحجرات
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا
تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَاتَّقُوا
اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1) يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا
لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ
وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ
رَسُولِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ
قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ ۚ لَهُم مَّغْفِرَةٌ
وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (3) إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ
أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّىٰ تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ
لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (5)}
الحجرات
سورة الحجرات تخصصت في بيان توقير النبي صلى
الله عليه وسلم
سورة الأحزاب فيها آيات كثيرة توصينا بمراعاة
حرمة النبي صلى الله عليه وسلم وسورة الفتح تعلمنا كيف نوقر النبي صلى الله عليه
وسلم؟
كما أن خواتيم سورة التوبة أوضحت مكانة النبي
صلى الله عليه وسلم
وسورة الأعراف تكلمت عن ضرورة توقير النبي صلى
الله عليه وسلم
{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ
النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي
التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ
الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ
عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ
آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ
ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
(157)} الأعراف
توقير النبي صلى الله عليه وسلم واجب في القرآن
الكريم فتوقير النبي صلى الله عليه وسلم وإعظام مقامه وعدم رفع الصوت فوق صوت
النبي صلى الله عليه وسلم حيا أو بعد انتقاله أمر واجب على كل مسلم
كيف كان الصحابة رضي الله عنهم يوقرون النبي
صلى الله عليه وسلم
لاحظ ذلك عروة بن مسعود الثقفي يوم الحديبية
عندما كان كافرا فقال يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إنِّي قَدْ جِئْتُ كِسْرَى فِي
مُلْكِهِ، وَقَيْصَرَ فِي مُلْكِهِ. وَالنَّجَاشِيَّ فِي مُلْكِهِ
وَإِنِّي وَاَللَّهِ مَا رَأَيْتُ مَلِكًا فِي
قَوْمٍ قَطُّ مِثْلَ مُحَمَّدٍ فِي أَصْحَابِهِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ قَوْمًا لَا يُسْلِمُونَهُ
لِشَيْءِ أَبَدًا
توقير النبي صلى الله عليه وسلم ليس بالكلام
بل بالعمل
احترام كلمة النبي صلى الله عليه وسلم كلما
ذكرت أمامك
كما وجب عليك أن تصلي على النبي صلى الله عليه
وسلم وأن تعطيه الاحترام الكامل
احترام النبي صلى الله عليه وسلم ليس كافيا وإنما
احترام وتوقير آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم
قال النبي صلى الله عليه وسلم: أذكركم الله في
أهل بيتي
فَقالَ له حُصَيْنٌ: وَمَن أَهْلُ بَيْتِهِ؟
يا زَيْدُ، أَليسَ نِسَاؤُهُ مِن أَهْلِ بَيْتِهِ؟ قالَ: نِسَاؤُهُ مِن أَهْلِ
بَيْتِهِ، وَلَكِنْ أَهْلُ بَيْتِهِ مَن حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ، قالَ: وَمَن
هُمْ؟ قالَ: هُمْ آلُ عَلِيٍّ، وَآلُ عَقِيلٍ، وَآلُ جَعْفَرٍ، وَآلُ عَبَّاسٍ
آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم هُمْ آلُ
عَلِيٍّ، وَآلُ عَقِيلٍ، وَآلُ جَعْفَرٍ، وَآلُ عَبَّاسٍ
روى الترمذي من حديث زيد بن أرقم وجابر بن عبد
الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا
كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما
قالَ أبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: وَالَّذِي
نَفْسِي بيَدِهِ، لَقَرَابَةُ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَحَبُّ
إلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِن قَرَابَتِي
ومن علامات توقير النبي صلى الله عليه وسلم
توقير أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فهم الذين جاهدوا معه وهم الذين رضي الله
عنهم
{لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ
إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ
السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18)ْ} الفتح
{مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ
مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ (29)}
الفتح
{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ
الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا
الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ (100)} التوبة
قال النبي صلى الله عليه وسلم:" لا
تَسُبُّوا أصْحابِي، لا تَسُبُّوا أصْحابِي، فَوالذي نَفْسِي بيَدِهِ لو أنَّ
أحَدَكُمْ أنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، ما أدْرَكَ مُدَّ أحَدِهِمْ، ولا
نَصِيفَهُ"
ومن علامات توقير النبي صلى الله عليه وسلم
إعظام الأماكن التي أحبها النبي صلى الله عليه وسلم وعاش فيها النبي صلى الله عليه
وسلم وزارها النبي صلى الله عليه وسلم
وفي هذا آثار كثيرة توجب عليك محبة الأماكن
التي عاش فيها النبي صلى الله عليه وسلم خاصة المدينة المنورة
قال القاضي عياض رحمه الله تعالى في كتاب الشفا
بالتعريف بحقوق المصطفى: وجدير بمواطن عُمِّرت بالوحي والتنزيل، وتردد فيها جبريل
وميكائيل، وعرجت منها الملائكة والروح وضجَّت عرصاتها بالتقديس والتسبيح، واشتملت
تربتها على جسد سيد البشر وانتشر منها من دين الله وسنة رسوله ما انتشر، مدارس
آيات، ومساجد صلوات، ومشاهد الفضائل والخيرات، ومعاهد البراهين والمعجزات، ومناسك
الدين ومشاعر المسلمين ومواقف سيد المرسلين ومتبوء خاتم النبيين، وخرجت منها أنوار
النبوة أن تبقى محفوظة في قلب كل مسلم وأن ينعم بحبها فحبها واجب أوجب على كل مسلم
صادق في حب النبي صلى الله عليه وسلم
لا بد أن نفتح سورة الأحزاب لكي نتأمل التعب
والمعاناة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ووجب على كل مسلم أن يوقر النبي صلى الله عليه
وسلم توقيرا يتناسب مع حبك وإخلاصك مع النبي صلى الله عليه وسلم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا
اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) هُوَ
الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ
إِلَى النُّورِ ۚ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ
رَحِيمًا (43) تَحِيَّتُهُمْ
يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ ۚ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا
كَرِيمًا (44) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا
وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا
مُّنِيرًا (46) وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلًا
كَبِيرًا (47) وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ
وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ
وَكِيلًا (48) } الأحزاب
سورة الفتح علمتك مكانة النبي صلى الله عليه
وسلم
{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا
وَنَذِيرًا (8) لِّتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ
وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (9)} الفتح
توقير النبي صلى الله عليه وسلم
لو أخذنا الكلام على سياق أن الله تعالى شأن
وأن النبي صلى الله عليه وسلم شأن لكان الكلام لِّتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ
وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُما وَتُوَقِّرُوهُما وَتُسَبِّحُوهُما بُكْرَةً
وَأَصِيلًا ولكن الجهة واحدة فقال تعالى لِّتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا
كما قال تعالى "والله ورسول أحق أن
يرضوهما" والسياق اللغوي "والله ورسول أحق أن يرضوهما" ولكنه جعل
الجهة واحدة
{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا
وَنَذِيرًا (8) لِّتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ
وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (9) إِنَّ
الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ
أَيْدِيهِمْ ۚ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ
عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10)} الفتح
"وتعزروه" جاءت مرة ثانية في سورة
الأعراف
القرآن الكريم يعطي النبي صلى الله عليه وسلم
منزلة ربانية خاصة تليق بمقامه عند رب العزة
{فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ
وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
(157)} الأعراف
تعزير النبي صلى الله عليه وسلم وتوقيره
وإجلاله واجب على مسلم
وإجلال آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم
وتعظيم قدرهم أمر واجب على كل مسلم
قال النبي صلى الله عليه وسلم: أذكركم الله في
أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي
توقير النبي صلى الله عليه وسلم واجب بالإكثار
من الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم وهذا باب من أبواب احترامك للنبي
صلى الله عليه وسلم أن تجعل العبادة متجهة إلى النبي صلى الله عليه وسلم
قال ابي بن كعب رضي الله عنه: أجعل صلاتي كلها
لك يا رسول الله
كل العبادة للنبي صلى الله عليه وسلم فبشره
النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى يكفيه همه ويغفر له ذنبه بفضل حبه للنبي
صلى الله عليه وسلم
{فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ
وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
(157) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا
الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ لَا إِلَهَ
إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ
لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158)} الأعراف