المحيي المميت
هما اسمان من
أسماء الله الحسنى، والمحيي عز وجل هو باعث الحياة في المخلوقات فقد أحيا الخلق من
العدم، ثم يحييهم من الموت عند البعث، وهو محيي القلوب بنور المعرفة والإيمان
ومحيي الأرواح بأنوار القلوب بنور المعرفة والإيمان، ومحيي الأرواح بأنوار
المشاهدة والمكاشفة، وهو الذي يحيي الأرض بالماء فتنبت بالرزق، وهو الذي جعل من
الماء كل شيء حي، والمميت جل جلاله هو من يسلب الحياة من خلقه بعد ما كتب عليهم
الفناء، وينهى بالموت قوة الأقوياء، وهو الذي يجعل القلوب كالحجارة، لا رحمة فيها
ولا نور، ويجعل الأرض ميتة لا نبات فيها ولا ثمار.
وقد وردت بالقرآن الكريم آيات كثيرة تفيد بأن الله تعلى
بيده الخلق، وإليه يرجع الأمر، ولا يحيا أحد، ولا يموت أحد إلا بمشيئته وقدره، ولا
يزاد في عمر أحد، ولا ينقص منه شيء إلا بقضائه وقدره، قال – تعالى -: {لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ
يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِين}[الدخان:8].
وقال
– تعالى -: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ
جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ
يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ
الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ
تَهْتَدُون}[الأعراف:158].
وهو
تعالى يحيي الأرض بعد موتها، كذلك فهو القادر على إحياء الأجساد بعد موتها
وتفرقها، قال – تعالى -: {فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي
الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ قَدِير}[الروم:50].
وقد
أخبرنا عن قدرته على بدء الخلق وإعادته، وأنه هو الذي أحيا الخلق من العدم ثم
يميتهم ثم يبعثهم كلهم ليوم الجمع، وأخبر أنه تعالى يرث الأرض ومن عليها، وإليه
يرجعون، وذلك قوله – تعالى -: {وَإنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ
الْوَارِثُون}[الحِجر:23].
وكثيرًا
ما يستدل تعالى على المعاد بإحيائه الأرض بعد موتها وينبه عباده بأن يعتبروا بهذا
على ذلك فإن الأرض تكون ميتة هامدة لا نبات فيها، فإذا أرسل إليها السحاب تحمل
الماء، وأنزله عليها اهتزت وربت، وأنبتت من كل زوج بهيج، كذلك الأجساد إذا أراد
الله تعالى بعثها ونشورها أنزل من تحت العرش مطرًا يعم الأرض جميعًا ونبتت الأجساد
في قبورها كما تنبت الحبة في الأرض، ولهذا قال تعالى: { كَذَلِكَ
النُّشُور}[فاطر:9].
قال
– تعالى -: {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا
فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا
كَذَلِكَ النُّشُور}[فاطر:9].
