المحصي

المحصي

هو اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه أنه العالم بمقادير الحوادث جملة وتفصيلًا، والعالم بما يحيط به الخلق من علم، وبما لا يحيطون به، لا تخفى عليه خافية، ولا يعزب عنه مثقال ذرة، وهو الشاهد على ما كان وما يكون، وهو الذي أحصى خلقه، وأحصى عليهم أعمالهم، البصير بالظواهر  الخبير بالسرائر .

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: «جَاءَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اجْعَلْنِي عَلَى شَيْءٍ أَعِيشُ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا حَمْزَةُ، نَفْسٌ تُحْيِيهَا أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ نَفْسٌ تُمِيتُهَا؟» قَالَ: بَلْ نَفْسٌ أُحْيِيهَا، قَالَ: «عَلَيْكَ بِنَفْسِكَ»([1]). أي: تريحها من العذاب، أي: أن تشتغل بنفسك خير لك من أن تشتغل بالإمارة .

وقال – تعالى -: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيم}[المزَّمل:20].

وقال – تعالى -: {إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا}[مريم: 93- 94].

أي: قد علم عددهم منذ خلقهم إلى يوم القيامة ذكرهم وأنثاهم وصغيرهم وكبيرهم .

وقد أخبرنا الله – تعالى – بأنه سبحانه يحصي جميع أعمال العباد بكتابة أعمالهم التي باشروها بأنفسهم ، وآثارهم التي أثروها من بعدهم ؛ فيجزيهم على ذلك، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر، وإن كل شيء أحصاه في كتاب مسطور مضبوط في لوح محفوظ، وذلك قوله – تعالى -: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِين}[يس:12].

ويخبرنا الله عن قدرته العظيمة حينما يوضع كتاب الأعمال يوم القيامة الذي سجل فيه الجليل والحقير والفتيل والقطمير والصغير والكبير، فترى المجرمين يقولون: يا حسرتنا، يا ويلتنا، ما لهذا الكتاب لا يترك ذنبًا صغيرًا ولا كبيرًا ولا عملًا وإن صغر إلا أحصاه وحفظه، والله تعالى لا يظلم أحدًا من خلقه بل يعفو ويصفح، ويغفر ويرحم، ويعذب من يشاء بقدرته وحكمته، وعدله ويملأ النار من الكفار وأصحاب المعاصي ثم ينجي أصحاب المعاصي، ويخلد فيها الكافرين، وذلك في قوله – تعالى -: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}[الكهف:49].

يختص هذا الاسم بعدة خواص:

الأولى: أن المحصي هو العالم، ولكن إذا أضيف العلم إلى المعلومات من حيث يحصي المعلومات ويعدها ويحيط بها، سمي إحصاء، والحصي المطلق هو الذي ينكشف في عمله حد كل معلوم، وعدده ومبلغه .

الثانية: أن المحصي معناه العالم بمقادير الحوادث ما يحيط به منها علوم العباد، وما لا يحيط به منها علومهم كالأنفاس، والأرزاق، والطاعات والمعاصي، والقرب، وعدد القطر والرمل، والحصا، والنبات، وأصناف الحيوانات، أو الموات، وعامة الموجودات، ما يبقى منها أو يضمحل ويفنى، وهذا راجع إلى نفي العجز الموجود في المخلوقين عن إدراكهم ما يكثر مقداره ويتوالى وجوده، وتتفاوت أحواله عنه عز اسمه.

الثالثة: أن المحصي هو المحيط بكل موجود جملة وتفصيلًا، لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.

الثالثة: أن المحصي هو الحافظ لأعداد الطاعات، والعالم بجميع الحالات .




تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض