الغفور
الغفور اسم من أسماء الله تعالى الحسنى، ومعناه أنه كثير المغفرة والصفح، كلما أذنب العبد، واستغفر غفر الله له، وهو السيد التام القدرة، وقد يغفر فضلًا، وإحسانًا منه، وهو واسع المغفرة قابل المعذرة، ستار العيوب، لا يفضح العصاة إذا عصوه، بل يسبل عليهم ستره، فإذا تابوا تجاوز عنهم وعفا، وهو يستر عباده لئلا يفتضحوا يوم الحساب، وهو ذو الرحمة الواسعة يغفر الذنوب جميعًا حتى لا ييأس من رحمته عباده المؤمنين الطائعين.
والغفور تعالى يدل على ذات الله وعلى صفة المغفرة بدلالة المطابقة، وعلى أحدهما بدلالة التضمن، قال تعالى: { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ العِقَابِ} [الرعد:6]، وقال: { إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ المَغْفِرَةِ} [النجم:32]، وقال سبحانه وتعالى: { وَلَئِنْ قُتِلتُمْ فِي سَبِيلِ الله أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ الله وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [آل عمران:157]، وقال تعالى: { اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ الله لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِالله وَرَسُولِهِ وَالله لا يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ} [التوبة:80] .
واسم الله الغفور يدل باللزوم على الحياة والقيومية والعزة والأحدية والرضا والحب واللطف والود والرأفة والرحمة والكرم والحكمة وغير ذلك من أوصاف الكمال، واسم الله الغفور دل على صفة من صفات الأفعال .
واسم الله الغفور ورد مطلقا معرفا ومنونا محمولا عليه المعنى مسندا إليه مرادا به العلمية ودالا على كمال الوصفية، ففي أحد عشر موضعا من القرآن ورد معرفا بالألف واللام كما في قوله تعالى: { نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيم} [الحجر49]، وقوله سبحانه: { وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ} [الكهف:58]، وفي اثنين وسبعين موضعا ورد منونا كقوله تعالى: { وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة:199] .
وعند البخاري من حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو أن أبا بَكْرٍ الصديق رضي الله عنه قَالَ لِلنَّبِي – صلى الله عليه وسلم -: عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاَتِي قَالَ: « قُلِ اللهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ »
وعند أبي داود وصححه الشيخ الألباني من حديث وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ رضي الله عنه أنه قَالَ: « صَلي بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: اللهُمَّ إِنَّ فُلاَنَ بْنَ فُلاَنٍ فِي ذِمَّتِكَ وَحَبْلِ جِوَارِكَ، فَقِهِ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ النَّارِ، وَأَنْتَ أَهْلُ الْوَفَاءِ وَالْحَمْدِ، اللهُمَّ فَاغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ».