البيوت
المرحومة
أحبابي الكرام، إن الأساس في الناس أنهم
أسوياء، وبعد هذا يأتي مجموعة من الناس المرحومون الذين تحدثت عنهم في يوم ما في
خطبة للجمعة كانت بعنوان: "البيوت المرحومة"، ولن أنسَ هذه الخطبة في
حياتي؛ لأنها كانت تصبيرا لبيوت كثيرة؛ بها مرضى عقليون لا يغادرون البيوت، وربما
يربطون بالسلاسل، أو مرضى نفسيون دخلوا في مرحلة الرِّهاب الاجتماعي، وبيوت فيها
مرضى، وعندهم ضمور في خلايا المخ، وبيوت عندهم مرضى عندهم ضمور في العضلات، وهناك
بيوت فيها مرضى عندهم شلل تام أو شلل رباعي لشباب، أو لشابات صغيرات في السن،
وكانت هذه الخطبة من أفضل ما قدمت في حياتي؛ لأنها صبَّرت ملايين البشر في الكرة
الأرضية ممن كانوا يعتقدون كما يعتقد الأستاذ الملحد، وهو أن الله يعذب هؤلاء
حينما خلقهم مرضى على هذه الشاكلة.
عزيزي الملحد اسمح لي أن اطلب منك أن تركز
معي كثيرا جدا.
الملحد يقول: لماذا؟.
صديقي الملحد ركّز معي كثيرا؛ لأنَّ هؤلاء
المنثورون في الحياة ممن أسميتهم أنت بالشواذ خلقيا، فهؤلاء نعمة ما بعدها نعمة؛
لأنهم كما يقول أستاذي بديع الزمان الهمذاني: هم لطمات الرحمة، وليسوا لطمات
العذاب؛ لأن الأعمى الذي سخرت منه في مقالك أيها الملحد، والذي قلت: إن العرب
يزعمون أن الله تعالى يُعوض هذا الأعمى ببصيرة وفهم وذكاء.
الملحد يقاطع الدكتور قائلا: هذا كلام خاطئ،
وليس هذا بالقاعدة الثابتة، وكان الأولى بهذا الأعمى أن يتنعم بعينيه كما يتنعم
باقي البشر، أيأتي إلى الدنيا ويسعى في محرابها ولا يرى منها شيئا؟! فكيف يكون هذا
ممكنا معقولا مقبولا؟! فأي نعمة يحظى بها هذا الأعمى في مثل هذا الوقت؟!