استقامة الأولاد ثمرة البيوت السعيدة

الرئيسية المقالات

استقامة الأولاد ثمرة البيوت السعيدة

استقامة الأولاد ثمرة البيوت السعيدة
ثمرة الاستقامة فى الأولاد هى أجمل الثمر، والأسرة المسلمة تقدم للمجتمع المسلم دائمًا أعظم الرجال، أولادنا ثمرة أكبادنا، وأغلى ما تحنو عليه قلوبنا، وأثمن ما نمتلكه، وخير ما نقدمه للحياة. هذه الثمار اليانعة كيف تبدو إذا أثمرت في بيوت تقوم على طاعة الله، وتتخذ رضا الله غاية في هذه الحياة الدنيا.
لقد علمنا النبى صلى الله عليه وسلم أن خير ما نهديه لأبنائنا في الصغر وننقشه في أخلاقهم وقلوبهم: حفظ حدود الله، واليقين بالله، وحسن العمل، وإتقانه والتواضع لله والخلق، وأن يسعى لينشر الخير أينما كان.
تستوقفنا هذه الأسس التربوية العظيمة لرسولنا محمد صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضى الله عنهما، يقول: كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما؛ فقال: (يا غلام إنى أعلمك كلمات؛ احفظ الله يحفظك؛ احفظ الله تجده تُجاهك؛ إذا سألت فاسأل الله؛ وإذا استعنت فاستعن بالله؛ واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلامُ وجفّت الصحف) (الترمذى 4 /667).
فتأمل كيف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعامل مع غلام من الغلمان، فيغرس فيه هذه الأسس، فكان ابن عباس رضى الله عنهما فى الأمة ما كان.
وورد عن على رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم، وحب أهل بيته، وقراءة القرآن) (كنز العمال 16/189). وأخرج ابن جرير، من حديث ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال (اعملوا بطاعة الله، واتقوا معاصى الله، ومروا أولادكم بامتثال الأوامر واجتناب النواهي، فذلك وقاية لهم ولكم من النار).
هذه قمم تربوية فى تاريخنا الإسلامى تبين لنا أن ثمرة الاستقامة في الأولاد هى أجمل الثمر، وأن الأسرة المسلمة تقدم للمجتمع المسلم دائمًا أعظم الرجال، أخلاقًا وعقيدة، واستقامة فلا خوف على المجتمع من هذا النتاج الطيب لأسرة تربت على طاعة الله، وعلى أكل الحلال، وعبادة الرحمن، والعمل للفوز بجنة عرضها السماوات والأرض.
بل إن في آثار سلفنا الصالح ما يبين أن الأسرة مطالبة بتعليم أولادها أحسن الأقوال بالإضافة إلى أحسن الأفعال، فانظر قول الحسن رضى الله عنه قال: (علمنى رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر: (اللهم اهدنى، وقنى شر ما قضيت إنك تقضى ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت) (سنن أبى داود 2/63).
ومن حسن تأديب الأولاد في البيت السعيد النهى عن النظرة السلبية للناس، والتى فيها احتقارهم وازدراؤهم والترفعُ عليهم، واعتبارهم مخطئين وخاطئين، وهذا الأمر نهى عنه المصطفى صلى الله عليه وسلم، فقال في شأن الكِبر: (هو بَطر الحق وغمط الناس) رواه مسلم، والمعنى أن حقيقة الكِبْر إنما هى (ازدراء الناس ورد الحق تعصبًا لما هو عليه)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى التحذير من الكِبْر: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبر) رواه مسلم.
ومن الآداب التى يحرص عليها البيت السعيد في إنشاء هذا الزرع الطيب هو تربيتهم على عدم الحرص على الدنيا والاهتمام دائمًا بالحرص على الآخرة، ومثل هذا الذى يحرص على الدنيا ويتناسى الآخرة قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة، إن أعطى رضي، وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش‏،‏ طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه فىسبيل الله، أشعت رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة، كان في الحراسة، وإن كان في الساقة، كان في الساقة، إن أستأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع) (رواه البخاري عن أبى هريرة رضى الله عنه).
ومن الأشياء المهمة لأولادنا في رحلة إعدادهم وتربيتم تعليمهم قيمة الوقت في حياة المسلم، الوقت هو ثروتك الذى ترضى بها الرحمن، وتسعى من خلاله إلى جنة عرضها السماوات والأرض، الوقت هو عبادتك لربك، وسعيك في المعروف، وتسابيحك وذكرك، الوقت هو حياتك الطيبة التى لا تقدر بثمن، ولقد أبرزت لنا السنة المطهرة في أحاديث عديدة قيمة الوقت وبخاصة عند الأبناء من الشباب، والحرص عليه، وعدم إضاعته، والمؤمن المكلف يُحْسِن إدارة الوقت، واستغلال كل دقيقة منه، وفى بيان أهمية هذه القيمة الثمينة يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به) (الترمذى بإسناد صحيح). فالهدى النبوى يربى الوعى بقيمة الزمن، ويدعوه إلى المسارعة إلى اغتنام هذه القيمة، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم:(اغتنم خمسًا قبل خمس: حياتك قبل موتك، وشبابك قبل هرمك، وقوتك قبل ضعفك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك) (رواه الحاكم في المستدرك من حديث ابن عباس رضى الله عنهما).
ومن أعظم القيم التى يحتاجها أبناؤنا هى قيمة إتقان العمل، وكان من هدى النبى صلى الله عليه وسلم أن يُطالِب المرء ببلوغ الغاية في إحسان العمل وإتقانه وفق أحسن المواصفات، قال الله تعالى: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[البقرة: 195]، وإن الله تعالى قد أحسن في خلقه الكون {الَّذِى أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ}[السجدة: 7]، لذا فقد طلب من عباده أن يُحسنوا، ويبلغوا هذا المقام فيما أقامهم فيه، وفيما كلّفهم به.
أخرج الإمام مسلم عن أبى يعلى شداد بن أوس رضى الله عنه قال: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد شفرته وليرح ذبيحته) ومَنْ تدبر هذا الحديث وجده يشمل ظاهر الدين وباطنه، ويشمل العقيدة والشريعة، والعبادة والسلوك.
- لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يولى الطفولة عنايته، وهذا هدى بثّه في نفوس أصحابه الذين كانوا يصطحبون أطفالهم في مجالس الكبار، لتُبْنى شخصيةُ الطفل فتكبر، ولا شك أن احتكاك الصغار بالكبار له فاعلية في تنمية الشخصية، ويشجعها. روى ابن عمر - وهو لا يزال غلامًا - قصته في مجلس كبار الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: كنا عند النبى صلى الله عليه وسلم فقال: (إنّ من الشجر شجرة مَثَلها مَثَل المسلم، فأردت أن أقول هى النخلة، فإذا أنا أصغر القوم، فسكتُ، قال النبى صلى الله عليه وسلم: (هى النخلة). وللبخارى قال ابن عمر: (فإذا أنا عاشر عشرة أنا أحدثهم). فهذا ابن عمر رضى الله عنهما يخالط الكبار، ويصغى إلى أحاديثهم، ومن ثم يكون كبيرًا ذا همة عالية. هذه روضة من رياض هدى النبى صلى الله عليه وسلم تنمو فيها أجمل القيم، وأحسن الأخلاق فلنقتطف منها لأبنائنا حتى يكونوا فيما بعد أعظم الرجال، وأطهر العباد نسال الله العلى العظيم أن يجعل أبناءنا قرة عين لنا وأن يجعلهم هداة مهديين وأن يجعلهم على الخير أعوانا.

تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض