أسوة حسنة
يقول تعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ
أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ
اللهَ كَثِيرًا}
(الأحزاب:21)، والمعنى:
لقد كان لكم أيها المؤمنون في أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفعاله وأحواله
قدوة حسنة تتأسون بها، فالزموا سنته، فإنما يسلكها ويتأسى بها من كان يرجو الله
واليوم الآخر وأكثر من ذكر الله واستغفاره وشكر في كل حال.
نصر الله للمؤمنين الصادقين
في يوم حنين
قال تعالى:{لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَوَاطِنَ
كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ
عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم
مُّدْبِرِينَ} (التوبة:25)، والمعنى:
لقد أنزل الله نصره عليكم في مواقع كثيرة عندما أخذتم بالأسباب وتوكلتم على الله،
ويوم حنين قلتم: لن نُغُلب اليوم من قلة، فغرَّتكم الكثرة فلم تنفعكم، وظهر عليكم
العدو، فلم تجدوا ملجأ في الأرض الواسعة ففررتم منهزمين.
وقال تعالى:{فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ
قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ
الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَنًا إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (الأنفال:17)، فلم تقتلوا
أيها النبي المشركين يوم بدر، ولكن الله قتلهم، حيث أعانكم على ذلك، وما رميت حين
رميت أيها النبي ولكن الله رمى، حيث أوصل الرمية التي رميتها إلى وجوه المشركين، ليختبر
المؤمنين بالله ورسوله ويوصلهم بالجهاد إلى أعلى الدرجات، ويعرِّفهم نعمته عليهم،
فيشكروا له سبحانه على ذلك، إن الله سميع لدعائكم وأقوالكم، ما أسررتم به وما
أعلنتم، عليم بما فيه صلاح عباده.
العرب في هذه الأيام لا بد أن يعرفوا هذا الكلام جيدًا،
لأجل هذا فإن الله تعالى يحكي عن قوم سابقين صدقوا الله في معاملاتهم فقال {فَلَمَّا
فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن
شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا
مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ
فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لَا طَاقَةَ لَنَا
الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو
اللهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ
وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} (البقرة:249)، أي فأجاب الذين يوقنون بلقاء الله،
يُذَكِّرون إخوانهم بالله وقدرته قائلين: كم من جماعة قليلة مؤمنة صابرة، غلبت
بإذن الله وأمره جماعة كثيرة كافرة باغية، والله مع الصابرين بتوفيقه ونصره، وحسن
مثوبته.