ما فضيلة وقت السحر؟ وما فضل قيام الليل؟.

الرئيسية المقالات مقالات دينية

ما فضيلة وقت السحر؟ وما فضل قيام الليل؟.

ما فضيلة وقت السحر؟ وما فضل قيام الليل؟.
السحر وقت يضحك الله تعالى فيه للمصطفين، وقيام الليل نافلة من نوافل العبادات الجليلة بها تكفر السيئات، وتقضى الحاجات، ويستجاب الدعاء، ويزول المرض، والداء، وترفع الدرجات في دار الجزاء.. نافلة لا يلازمها إلا الصالحون، فهي دأبهم، وشعارهم، وهي ملاذهم وشغلهم.. تلك النافلة هي قيام الليل.
وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يحث أصحابه على القيام، ويبين لهم فضله وثوابه في الدنيا والآخرة: تحريضاً على نيل بركاته والظفر بحسناته. قال- صلى الله عليه وسلم -: «عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ دَأَبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَإِنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ قُرْبَةٌ إِلَى اللَّهِ، وَمَنْهَاةٌ عَنْ الإِثْمِ، وَتَكْفِيرٌ لِلسَّيِّئَاتِ، وَمَطْرَدَةٌ لِلدَّاءِ عَنِ الجَسَدِ»
ومن ثمرات قيام الليل دعوة تستجاب، وذنب يغفر، ومسأله تقضى، وزيادة في الإيمان، والتلذذ بالخشوع للرحمن، وتحصيل السكينة، ونيل الطمأنينة، واكتساب الحسنات، ورفعة الدرجات، والظفر بالنضارة والحلاوة والمهابة، وطرد الأدواء من الجسد... فمن منا مستغن عن مغفرة الله وفضله؟ ومن منا لا تضطره الحاجة؟ ومن منا يزهد في تلك الثمرات والفضائل التي ينالها القائم فى ظلمات الليل لله؟
وهذه توجيهات نبوية تحض على نيل هذا الخير:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يَرْفَعُهُ، قَالَ: سُئِلَ: أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ؟ وَأَيُّ الصِّيَامِ أَفْضَلُ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ؟ فَقَالَ: «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ، بَعْدَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، الصَّلَاةُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ، صِيَامُ شَهْرِ اللهِ الْمُحَرَّمِ»
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ، يَقُولُ: «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيَّامُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ أَنْتَ الْحَقُّ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَأَخَّرْتُ وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلَهِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ»
وعَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ السُّلَمِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ اللَّيْلِ أَسْمَعُ؟ قَالَ: «جَوْفُ اللَّيْلِ الْآخِرُ، فَصَلِّ مَا شِئْتَ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَكْتُوبَةٌ، حَتَّى تُصَلِّيَ الصُّبْحَ، ثُمَّ أَقْصِرْ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَتَرْتَفِعَ قِيسَ رُمْحٍ، أَوْ رُمْحَيْنِ، فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، وَيُصَلِّي لَهَا الْكُفَّارُ، ثُمَّ صَلِّ مَا شِئْتَ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَكْتُوبَةٌ، حَتَّى يَعْدِلَ الرُّمْحُ ظِلَّهُ، ثُمَّ أَقْصِرْ، فَإِنَّ جَهَنَّمَ تُسْجَرُ، وَتُفْتَحُ أَبْوَابُهَا، فَإِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ، فَصَلِّ مَا شِئْتَ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ، حَتَّى تُصَلِّيَ الْعَصْرَ، ثُمَّ أَقْصِرْ، حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فَإِنَّهَا تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، وَيُصَلِّي لَهَا الْكُفَّارُ»
وعَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ، فَقُلْتُ: أَخْبِرِينِي عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْعِشَاءِ، ثُمَّ يَأْوِي إِلَى فِرَاشِهِ فَيَنَامُ، فَإِذَا كَانَ جَوْفُ اللَّيْلِ قَامَ إِلَى حَاجَتِهِ وَإِلَى طَهُورِهِ، فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، يُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنَّهُ يُسَوِّي بَيْنَهُنَّ فِي الْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، ثُمَّ يُوتِرُ بِرَكْعَةٍ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، ثُمَّ يَضَعُ جَنْبَهُ، فَرُبَّمَا جَاءَ بِلَالٌ، فَآذَنَهُ بِالصَّلَاةِ، ثُمَّ يُغْفِي، وَرُبَّمَا شَكَكْتُ أَغْفَى، أَوْ لَا، حَتَّى يُؤْذِنَهُ بِالصَّلَاةِ، فَكَانَتْ تِلْكَ صَلَاتُهُ حَتَّى أَسَنَّ لَحُمَ، فَذَكَرَتْ مِنْ لَحْمِهِ مَا شَاءَ اللَّهُ "
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي، فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ"
فيا ذا الحاجة، ها هو الله ـ جل وعلا ـ ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة نزولاً يليق بجلاله، وكماله، وهو المنزه عن الشبيه، والمثيل: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (الشورى: 11)، ويعرض علينا رحمته، واستجابته، وعطفه ومودته، وينادينا نداء حنونا مشفقا: هل من مكروب فيفرج عنه؟ فأين نحن من هذا العرض السخي؟ قم أيها المكروب في ثلث الليل الأخير، وقل: لبيك وسعديك أنا يا مولاي المكروب، وفّرجك دوائي، وأنا المهموم، واكشف سنائي، وأنا الفقير، وعطاؤك غنائي، وأنا الموجوع، وشفاؤك رجائي.
قم وأحسن الوضوء ثم صل ركعات خاشعة.. أظهر فيها لله ذُلَّك واستكانتك له، وأطلعه على نية الخير، والرجاء في قلبك.. فلا تدع في سويدائه شوب إصرار .. ولا تبيت فيه سوء نية، ثم تضرع وابتهل إلى ربك شاكياً إليه كربك.. راجيا منه الفرج.. وتيقن أنه موعود بالاستجابة فلا تعجل، ولا تدع الإنابة.. فإن الله قد وعدك إن دعوته أجابك، قال سبحانه: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ (النمل: 62).
أتهزأ بالدعاء وتزدريه
** ولا تدرى بما صنع الدعاء

سهام الليل لا تخطئ ولكن
** لها أمد وللأمد انقضاء

قم يا ذا الحاجة، ولا تستكبر عن السؤال فقد دعاك مولاك إلى التعبد له بالدعاء، فقال سبحانه: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِه}(النساء: 32)، وخير وقت تسأله فيه هو ثلث الليل الأخير.. قم ولا تيأس مهما اشتد اضطرارك.. فربك قدير لا يعجزه شيء، وإنما أمره إذا قضى شيئا أن يقول له كن فيكون.. وتذكر أن الله سبحانه من جميل رحمته قد حرم عليك سوء الظن به كما حرم عليك اليأس من رحمته، فقال سبحانه: {إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} (يوسف: 87).
قم وأحسن الظن بربك.. وتودد إليه بجميل أوصافه، وسعة رحمته، وجميل عفوه، وعظيم عطفه، ورأفته، فحاجتك ستقضى.. وكربك سيزول.. فلا تيأس، واطلب في محاريب القيام الفرج، ويا صاحب الذنب قد جاءتك فرصة الغفران تعرض كل ليلة، بل هي أمامك كل حين، ولكنها في الثلث الأخير أقرب إلى الظفر، والنيل.
فعن عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا»
وقد تقدم فى الحديث أن الله ـ جل وعلا ـ ينزل فى الثلث الأخير من الليل إلى سماء الدنيا فيقول: "من يدعونى فاستجب له؟ ومن يسألنى فأعطيه؟ من يستغفرنى فاغفر له؟".
ويد الله ـ سبحانه وتعالىـ مبسوطة للمستغفرين بالليل والنهار، ولكن استغفار الليل يفضل استغفار النهار بفضيلة الوقت، وبركة السحر؛ ولذلك مدح الله ـ جل وعلا ـ المستغفرين بالليل فقال سبحانه: وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ (آل عمران: 17)؛ وذلك لأن الاستغفار بالسحر فيه من المشقة ما يكون سبباً، لتعظيم الله له، وفيه من عنت ترك الفراش، ولذة النوم، والنعاس ما يجعله أولى بالاستجابة والقبول، لاسيما مع مناسبة نزول المولى ـ جلا وعلا ـ إلى السماء الدنيا وقربه من المستغفرين.. فلا شك أن لهذا النزول بركة تفيض على دعوات السائلين وتوبة المستغفرين، وابتهالات المحبين.
فيا من أسرف على نفسه بالذنوب حتى ضاقت بها نفسه، وشق عليه طلب العفو، والغفران لما يراه في نفسه من نفسه من عظيم العيوب، وكبائر السيئات.. قم لربك في ركعتين خاشعتين؛ فقد عرض عليك بهما الغفران، قال لك: من يستغفرني فأغفر له؟ قم، واهمس في سجودك بخضوع، وخشوع تقول: استغفرك اللهم، وأتوب إليك.. رب اغفر لي، وارحمني، وأنت خير الراحمين.. لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.. اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم.
ويا صاحب النعمة أقبل على ربك بالليل، وأد حق الشكر له؛ فإن قيام الليل أنسب أوقات الشكر، وهل الشكر إلا حفظ النعمة وزيادتها؟ تأمل في رسول الله لما قام حتى تفطرت قدماه، فقيل له: يا رسول الله، أما غفر الله لك ما تقدم من ذنبك، وما تأخر؟ قال: «أَفَلاَ أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا»( ).
ففي هذا الحديث دلالة قوية على أن قيام الليل من أعظم وسائل الشكر على النعم، ومن منا لم ينعم الله عليه؟ فنعمته سبحانه تلوح في الآفاق، وتظهر علينا في كل صغيرة، وكبيرة.. في رزقنا، وعافيتنا، وأولادنا، وحياتنا بكل مفرداتها، وما خفي علينا أكثر وأكثر؛ فإن أحق الناس بالزيادة في النعمة أهل الشكر، وأنسب أوقات الشكر حينما يقترب المنعم، وينزل إلى السماء الدنيا؛ ولذلك كان رسول الله -- يعلل قيامه ويقول: "أفلا أكون عبداً شكوراً" أي: أفلا أشكر الله عز وجل؟.
فقم أخي ليلك بنية ذكر الله، ونية الاستغفار، ونية الشكر؛ تبسط لك النعم؛ ويبارك لك في مالك، وعافيتك، وأهلك، وولدك، وبيتك، وشأنك كله.
ما يعينك على قيام الليل:
أولاً: الإقلال من الطعام:
كثرة الطعام مجلبة للنوم، ولا يتيسر قيام الليل إلا لمن قل طعامه، ولقد بين رسول الله -- حد الشبع وآدابه:
عَنْ مِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ. بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ»
قال عبد الواحد بن زيد: من قوي على بطنه قوي على دينه، ومن قوي على بطنه قوي على الأخلاق الصالحة، ومن لم يعرف مضرته في دينه من قبل بطنه فذلك رجل من العابدين أعمى.
وقال وهب بن منبه: ليس من بنى آدم أحب إلى الشيطان من الأكول النوام.
وقال سفيان الثورى: عليكم بقلة الأكل تملكوا قيام الليل.
وجدت الجوع يطرده رغيف
** وملء الكف من ماء الفرات

وقل الطعم عون للمصلى
** وكثر الطعم عون للسبات

ثانياً: الاستعانة بالقيلولة:
فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قد وجه إلى الاستعانة بها، ومخالفة الشياطين بها، ن أنس، قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَليْهِ وَسلَّم: قيلوا فإن الشياطين لا تقيل( ).
ومر الحسن بقوم فى السوق فرأى صخبهم، ولغطهم، فقال: أما يقيل هؤلاء؟ قالوا:لا … قال: إنى لأرى ليلهم ليل سوء، وقال إسحاق بن عبد الله بن أبى فروة: القائلة من عمل أهل الخير، وهي مجمة للفؤاد، مقواة على قيام الليل.
ثالثاً: الاقتصاد فى الكَدِّ نهاراً:
والمقصود به عدم إتعاب النفس بما لا ضرورة منه، ولا مصلحة فيه، كفضول الأعمال، والأقوال، ونحوها، أما ما يستوجبه الكسب، والحياة من الضرورات ولا غنى للمرء عن الكد لأجله، فيقتصد فيه بحسب ما تتحقق
به المصالح.
رابعاً: اجتناب المعاصي:
فالمعصية تقعد عن الطاعة، وتوجب التشاغل عن العبادات، وتحرم المؤمن من التوفيق إلى النوافل، والفضائل، ولذلك تواتر عن السلف القول: إن المعاصى تحرم العبد من القيام.. قال رجل للحسن البصرى: يا أبا سعيد، إنى أبيت معافى، وأحب قيام الليل، وأعد طهورى، فما بالى لا أقوم؟ قال: ذنوبك قيدتك. وقال الثورى: حرمت قيام الليل خمسة أشهر بذنب أذنبته، قيل وما هو؟ قال رأيت رجلاً يبكى فقلت فى نفسى هذا مراء. وقال رجل لإبراهيم بن أدهم: إنى لا أقدر على قيام الليل فصف لى دواء؟ قال: لا تعصه بالنهار، وهو يقيمك بين يديه بالليل، فإن وقوفك بين يديه فى الليل من أعظم الشرف، والعاصي لا يستحق ذلك الشرف.
خامساً: سلامة القلب من الأحقاد:
سلامة القلب من الأحقاد على المسلمين، ومن البدع، وفضول هموم الدنيا، فإن ذلك يشغل القلب، ويضغط عليه، فلا يكاد يهتم بشيء سواه.
سادساً: خوف غالب:
أى لزوم القلب أن يتذكر قصر الأمل، فإنه إذا تفكر أهوال الآخرة ودركات جهنم طار نومه، وعظم حذره.
سابعاً: الوقوف على فضائل القيام، وثمراته:
لأنها تهيج الشوق، وتعلى الهمة، وتحيي في النفس الطمع في رضوان الله، وثوابه، وقد تقدم ذكر أهمها.
ثامناً: وهو أشرف البواعث: حب الله وقوة الإيمان:
لأنه في قيامه لا يتكلم بحرف إلا وهو مناج به، والله مطلع عليه، مع مشاهدة ما يخطر بقلبه، وأن تلك الخطرات من الله تعالى خطاب معه، فإذا أحب الله تعالى، أحب لا محالة الخلوة به، وتلذذ بالمناجاة، فتحمله لذة المناجاة للحبيب على طول القيام.
إنما النصر هبة محضة، يقر الله بها عين من يشاء من رجال مدرسة الليل في الحياة الدنيا"، ووصفهم ابن القيم قائلاً:
يحيون ليلهم بطاعة ربهم
** بتلاوة بتضرع وسؤال

وعيونهم تجرى بفيض دموعهم
** مثل انهمال الوابل الهطال

في الليل رهبان وعند جهادهم
** لعدوهم من أشجع الأبطال

بوجوههم أثر السجود لربهم
** وبها أشعة نوره المتلالى

هيا بنا ننفض غبار النوم عنا، ونسعد بأوقات السحر، ونسعد الآخرين بما يحققه الله على أيدينا، وأيديكم من فتح، يعز فيه أهل الطاعة ويذل فيه أهل المعصية، ويقولون متى هو؟ قل عسى أن يكون قريبا.. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
وبعد هذا العرض للأحاديث، والفوائد التربوية، والسلوكية المستفادة، نتمنى من الله أن تتحول هذه المعاني، والفوائد إلى سلوكيات عملية في حياتنا؛ حتى نسعد في الدنيا والآخرة، ونكون ممن يضحك الله ـ سبحانه وتعالى ـ إليهم.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.





تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض