آيات الشفاء:
اجتهد العلماء لبيان آيات الشفاء فقيل: إنها فاتحة
الكتاب، وسورة الإخلاص، إذ روى أنس بن مالك عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه
قال: «إذا وضعت جنبك على الفراش، وقرأت الفاتحة، وقل هو الله أحد، فقد أمنت من كل
شيء إلا الموت» .
وقيل: في سورتي «قل يا أيها الكافرون» و«قل هو الله
أحد» وهما تشفيان أمراض الصدر والنفس من النفاق، أو الشرك، أو شبهة كفر، وقيل: إنهما
المعوذتان، أي: سورة الفلق، وسورة الناس، وقد ذكرت سورة بعينها للشفاء، وأخرى
للوقاية .
وقال الإمام القشيري: مرض ولدي مرضًا شديدًا، حتى
يئست من شفائه، فرأيت النبي – صلى الله عليه وسلم – في منامي، وهو يقول: أين أنت
من آيات الشفاء، التي أوردها الله في كتابه العزيز، فوجدها في ستة مواضع، هي:
أ- { وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ
مُّؤْمِنِين}[التوبة:14].
ب- {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ
جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى
وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِين}[يونس:57].
جـ- {ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ
الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ
مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً
لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون}[النحل:69]
د- {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا
هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ
خَسَارًا}[الإسراء:82]
هـ - {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ
يَشْفِين}[الشعراء:80].
و- {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا
أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ
قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِي
آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ
بَعِيد}[فُصِّلَت:44].
وقد روي أن أبا محمد عبد الله بن يحيى المصبحي من أصحاب الشافعي كان إمامًا
صالحًا من أهل اليمن.. عمر طويلًا، ولم يصبه أي مرض، بل حفظه الله حتى أنه نجا من
محاولات كانت إصابته فيها مؤكدة، ولما سألوه عن سبب حفظ الله له قال: كنت أقرأ
كثيرًا، ودائمًا آيات الحفظ، وهي:
- {اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ
الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي
السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ
بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ
بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيم}[البقرة:255].
- {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ
وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ
تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُون}[الأنعام:61].
- {فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ
أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا
غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ
حَفِيظ}[هود:57].
- {قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ
إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا
وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِين}[يوسف:64].
- {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ
يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ
يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ
اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَال}[الرعد:11].
- {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ
وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون}[الحِجر:9].
- {وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ
رَّجِيم}[الحِجر:17].
- {وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا
مَّحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُون}[الأنبياء:32].
- {وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ
مَّارِد}[الصافات:7].
- {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي
يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء
الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ
الْعَلِيم}[فُصِّلَت:12].
- {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ
أَولِيَاء اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيل}[الشورى:6].
- {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِين.
كِرَامًا كَاتِبِين . يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُون} [الانفطار:10- 12].
- {إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا
حَافِظ}[الطارق:4].
- {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيد.
إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيد . وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُود. ذُو الْعَرْشِ
الْمَجِيد.
فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيد. هَلْ أَتَاكَ
حَدِيثُ الْجُنُود. فِرْعَوْنَ وَثَمُود. بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيب.
وَاللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيط. بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجيد. فِي لَوْحٍ
مَّحْفُوظ} [البروج:12- 22].
وإذا كانت آيات الشفاء والحفظ، هي آيات القرآن
الكريم، فالقرآن كله كلام الله، وإذا قرأه المريض بنية الشفاء، وقاه الله.
واعلم – أخي المسلم – أن الله – سبحانه وتعالى – هو
المتفرد بجلاله، وعظمته في إحداث الابتلاء، والمن بالشفاء ؛ لأنه أدرى بصنعته،
وأحكم بقدرته، فهو الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي يمتلك أسباب المرض، والشفاء
منه له من الأسماء والصفات ما تختص بالشفاء من الأمراض الظاهرة والباطنة .