"علاج وسواسي الشك والموت"

الرئيسية المقالات مقالات دينية

"علاج وسواسي الشك والموت"

 "علاج وسواسي الشك والموت"
الشَّك والوسوسة زراعة شيطانية:
نتحدث في هذا اللقاء عن موضوعٍ مُهمٍ جدا، وهو "وسواس الشك"، وهو من الموضوعات المهمة التي تُؤرِّق الإنسانَ، ويجب أن تعلموا أحبائي – سلمكم الله وعافاكم من كل سوء - أنَّ للوسوسة أشكالا وأنواعا، ومنها: الوسوسة في سُوءِ الظَّنِ بالنَّاسِ، والمريض بهذا النوع يبدأ بالشَّكِ في كُلِّ شيءٍ، فتتحول حالةُ الوسوسةِ إلى حالةٍ من الشَّكِ، وحالة الشك – سلَّمكم الله تعالى – هي زراعةٌ شيطانيةٌ؛ فالشيطان يُشكِّك الإنسانَ في تصرفات الآخرين؛ فتبدأ الزَّوجة تستشعر أنَّ زوجها يخونها لأي سُوء ظَنٍّ في قلبها؛ فتبدأ في تفتيش ملابسه، وتفتيش حافظته، وتفتيش حقيبته الخاصة، ويبدأ الشيطان بالدخول من هذا البابِ، وتحدث المشاكل بينها وبين زوجها، وكل ذلك - مثلا - يحدث عندما ينقل الإنسان خبرًا دون أن يتثبت من صحته، والنتيجة التي تترتب على ذلك أنَّ ناقلَ الخبرِ – حينما لا يتثَّبتَ من صحته -  فإنه يبعث الشَّكَ في قَلبِ من يتلقَّى الخبرَ، ولذلك – سبحان الله – ورد في الصحيح أنَّ النبي الكريم – صلوات ربي وسلامه عليه – كانت تَسيرُ بجواره السيدةُ صفية بنت حُيي بن أخطب - إحدى زوجات النبي - وصفية - رضي الله تعالى عنها - لها قصة لابد من أن نعرفها حتى نتعلم أخلاقيات التعامل مع البشر المجروحين، فكيف نمسح الأحزان عنهم؟ والسيدة صفية بالمناسبة - رضي الله تعالى عنها - ابنة حُيي بن أخطب، وكان من زُعماء خيبر، وما أدراك ما خيبر؟ وقد قُتل والدها، وقتل زوجُها أمام عينيها، وقد تعمَّد بعضُ الصحابة أن يفعلوا ذلك أمامَ عينيها من باب التنكيل، وكان مشهدًا صعبًا، وكان نصيبُها أن تكون زوجة للنبي الكريم - صلوات ربي وتسليمه عليه - وقد شاهدت في الرؤية قبل زواجها من النبي بسنوات، وكانت لا تزال على يهوديتها، وقبل أن يأتي النبي إلى المدينة أصلا؛ فقد رأت في الرؤية أنَّ القمر يَنْزِل على الأرض، ثم يَنْزِلَ في حِجْرِها، وكانت الرؤيا عِبارةٌ عن زَواجِها من النبي - صلى الله عليه وسلم - والمؤرخون يذكرون لنا أنها فعلاً كانت متأثرةً، وكانت تخلو كثيرًا بنفسها، فتبكي، فيعتذر لها النبي، ويعتذر، ويعتذر في كل يوم عما فعله بعض الصحابة في خيبر من قتل أبيها وزوجها أمام ناظريها، ثم يُخبرها بأنَّ والدها قد ألبَّ عليه اليهود، وقد ألبَّ عليه العرب، وقد ظَلَّ النبي يسترضيها، ويطلب مُسامَحَتَها، فتخيلوا معي أنَّ النبيَ الكريم يعتذر كُلَّ يومٍ لها حتى هَدَأت نفسيتها من اعتذاره وإلحاحه عليها، واستطاعت أن تنسى ذلك المشهد الفظيع التي شاهدته يوم خيبر، وهنا نصل إلى نقطة مهمة جدا لابد أن نتعلمها في أخلاقيات التعامل مع المجروحين، وهي: (جبر خواطر الناس)، وحرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على تَلَمُّسِ المواضعِ التي يمكن أن يكون فيها كسرٌ لقلوبِ الناسِ.
ولما كانت السيدةُ (صفية بنت حُيي بن أخطب) في يوم من الأيام تسير بجوار النبي الكريم - صلوات ربي وتسليمه عليه - وكانت النساء منتقبات ، وعندما يمشين لا أحدَ يعرف أن يميز أولئك النساء، لا أحد يعرف من هذه؟ صفية أو غيرها؟ فانظروا ماذا فعل النبي العظيم الكريم؛ كي يعلم الصحابة درسًا في مُنتهى الحكمة، وهو أنه يقطع على الناس سوء الظن؛ ولهذا بدأ النبي في توضيح الأمور، وقام النبي الكريم، ونادى على الصحابة، وقال: هذه صفية زوجتي حتى لا يدخل الشكُّ بقلوب الصحابة، فقال لهم: هذه صفية زوجتي، وفَسَّر ما قاله للصحابة بقوله: "إِنَّ الشيطانَ يجري من ابنِ آدم مجرى الدم"، وفي رواية: " مجرى الدم في العروق"، وهذا كله في الصحيح، فتأملوا لمدى حرص النبي الكريم إلى أن يُغْلِقَ أبوابَ الشيطان، فيخبرهم بأنها صفية زوجته حتى لا يدخل الشَّكُ في قلوبهم فيُسيئوا الظَّنَّ بالنبي صلوات ربي وتسليمه عليه، والحديث كاملا: عن عليّ بن حسين، أن النبي صلى الله عليه وسلم أتته صفية بنت حيي فلما رجعت انطلق معها، فمرّ به رجلان من الأنصار فدعاهما، فقال: «إنما هي صفية»، قالا: سبحان الله، قال: «إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم». [صحيح البخاري، باب الشهادة تكون عند الحاكم، 9/70].
إذن حالةُ الشك – سلّمكم الله تعالى وأحبكم وبارك الله تعالى فيكم – هي ظاهرةٌ أو مُظهرٌ من مظاهر الوسوسةِ عند كَثيرٍ من النَّاسِ الذين يبدأ الشيطان أن يُلقِي في قلبهم حَالةً من الشك تجاه شيء معين.

تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض