ويختص ا سم الله العليم بعدة خواص:
الأولى: أن الحليم هو الذي لا يعجل بالانتقام، وكيف يعجل من لا يخاف من الفوت.
الثانية: أن الحليم هو الذي لا يحبس إنعامه وإفضاله على عباده ؛ لأجل ذنوبهم، ولكنه يرزق العاصي كما يرزق المطيع .
الثالثة: أن الحليم هو الذي يحلم على عباده، ويتجاوز عن سيئاتهم، ويحفظ الود، ويحسن العهد، ويجبر الوعد .
انعكاسات وتجليات الاسم على حياة المسلم :
اعلم أخي المسلم أنه إذا ذكرت اسم الله تعالى الحليم، وآمنت به حق الإيمان، فإنه يتحقق عدة فوائد:
الأولى: يدفع المسلم إلى التمسك بحسن الخلق.
ومن عوامل حسن الخلق الألفة، وهي تقتضي سعة الصدر والألفة من أسباب اجتماع الكلمة، ووحدة الصف، وترابط القلوب .
قال تعالى {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [ آل عمران: 159].
قيل: مَن لانت كَلِمته وَجَبت محبّتُه، وقيل ثلاث تثبت لك الوًدَّ في صَدْرِ أخيك: أن تَبدأه بالسَّلام، وتُوسع له في المَجْلس، وتَدْعوه بأحبّ الأسماء إليه.
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَدْخُلُونَ الْـجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَـحَابُّوا، أوَلا أدُلُّكُمْ عَلَـى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُـمُوهُ تَـحَابَبْتُـمْ؟ أفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُم» .
وقال صلى الله عليه وسلم: " أَكْمَلُ النَّاسِ إِيمَانًا أَحَاسِنُهُمْ أَخْلاقًا، الْمُوَطَّئُونَ أَكْنَافًا، الَّذِينَ يَأْلَفُونَ وَيُؤْلَفُونَ، وَلَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يَأْلَفُ وَلَا يُؤْلَفُ ".
ولابن أبي حازم:
ارْضَ من المَرْءِ في مَــوَدَّته
بما يُؤدي إليكَ ظاهرُه
مَن يَكْشِف الناسَ لا يَرى أحداً
تَصِحّ منه له سَرائرُه
الثانية: يدفع المسلم إلى أن يكون اجتماعيًّا ؛ لأنه لا يمكن أن يعيش وحده منعزلًا عن الناس، فمخالطة الناس ضرورة حياتية :
عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المؤمن الذي يخالط الناس، ويصبرُ على أذاهم، خير من الذي لا يخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم».
الثالثة: يدفع المسلم إلى الحلم بالعبد والدابة والمرأة والولد:
قال – تعالى -: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا}[النساء:36].
ويعرف الكثيرون قصة المرأة التي دخلت النار لأنها حبست هرة حتى ماتت في الحديث الذي أخرجه الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهم ((عذبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها وسقتها اذا هي حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض»