هذا ذكر (390)
معينات التثبيت على
القلوب
فضيلة الأستاذ الدكتور/ أحمد عبده عوض
الداعية والمفكر الإسلامي
الحمد لله رب العالمين اللهم ارضنا وارض عنا وعافنا واعف عنا ومن شر
خلقك سلمنا
النبي صلى الله عليه وسلم نفسه كان يحتاج إلى
أن يثبت في مواطن معينة
يقول
تعالى { وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا
قَلِيلًا (74)} الإسراء
جاء التثبيت من الله تعالى للنبي صلى الله
عليه وسلم حتى يبقى قلبه في الرعاية الإلهية فالله تعالى ثبت النبي صلى الله عليه
وسلم وربط على قلبه
الصحابة رضي الله عنهم كان عندهم حرية شخصية
مع النبي صلى الله عليه وسلم وهم يسألون من باب التعلم وليس من باب الاعتراض
قال الصحابة رضي الله عنهم: يا رسول الله إنا
نراك تكثر من قولك: اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك
القلوب كريشة معلقة في فلاة بين أصبعين من
أصابع الرحمن يقلبهما كيف يشاء
النبي صلى الله عليه وسلم في الأسبوع الذي
انتقل فيه إلى الرفيق الأعلى ارتد العرب عن الإسلام
لم يسترح الصديق رضي الله عنه ستة أشهر حتى
أرجعهم إلى الإسلام بعز عزير أو بذل ذليل
قال الصديق رضي الله عنه: " والله ما
نمت فحلمت ولا توهمت فسهوت وإني على الصراط ما زغت " والأمة الآن مع كثرة المعاصي والفساد ترى
بعض الناس يرتد عن الإسلام لضعف اليقين في الله تعالى
الثبات عكسه التبدل والتغير وعدم الاستقرار
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا
بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ
وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ
الصَّادِقُونَ (15)}الحجرات
التثبيت بالدعاء والتثبيت بتأليف القلوب والتثبيت
بالصحبة الإيمانية
هذه المعاني جمعها الله تعالى في سورة
الأنفال
{وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ لَوْ أَنفَقْتَ
مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ
بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63)}
الأنفال
من مظاهر عزة الله تعالى وقدرته وفضله أن
الله تعالى لم يترك النبي صلى الله عليه وسلم وحده وكل إنسان له رسالة عالمية لا
بد أن يكون معه رجال
كان النبي صلى الله عليه وسلم يستطيع أن
يهاجر وحده لكن الصحبة الإيمانية الهارونية مهمة جدا في الأحداث الصعبة المؤثرة في
تاريخ العالم
أنت في حاجة إلى هارون أخي
{هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي
(31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ
كَثِيرًا (34) إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا (35) قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ
يَا مُوسَىٰ (36) وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً
أُخْرَىٰ (37)} طه
{فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ
أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ
(61) قَالَ كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي
سَيَهْدِينِ (62)} الشعراء
سيدنا موسى عليه السلام معه عشرون ألفا
والفرعون معه تسعمائة ألفا فلا نسبة ولا تناسب ورغن هذا دعا موسى عليه السلام ربه
كيف يخذلني ربي وأنا في معيته؟
استجار موسى عليه السلام فتغيرت كل الأحداث
تماما وجاء نصر لم يحدث في تاريخ العالم ومرة واحدة تحول البحر إلى يابسة مع موسى
عليه السلام
الأنبياء في ساعات الذروة يستجيرون بالملك
{قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ
رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا
لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ ۖ وَارْزُقْنَا
وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (114) قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ
ۖ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ
عَذَابًا لَّا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ (115)} المائدة
عندما استجار موسى بالله تعالى أجاره الله
تعالى وهذا معنى الثبات
في جميع العثرات والهموم والغموم التي تزاحم
الناس في حياته سترى أن الإنسان ضعيفا وكلما كثر المتربصون بك ناج ربك
{وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن
مِّنَ الْخَاسِرِينَ (47)} هود
جاءت ساعة الفرج وجاء النصر من الله تعالى هذا هو الثبات الذي يربط به الله تعالى على قلوب
المؤمنين في ساعات الأزمات
