لماذا يكذب الأبناء؟
أعزكم
الله ،وأحبكم، ورفع شأنكم، وأعلى ذكركم
أهم أسباب الكذب ما يلى:
1-عدم الإيمان. |
2-لا تقل يا بنى الحقيقة. |
3- الكذب الخيالى. |
|
4- يا كذاب. |
5-أمى وأبى يكذبان أيضاً. |
|
|
عندما نستخدم أسلوب المحقق ـ كما رأينا ـ أو نستخدم العقاب الشديد أو النهر واللوم والصراخ بصوت عال عندما نتصرف بشكل خاطئ، فيكذب فى هذه الأحوال للدفاع عن نفسه، والتخلص مما يخاف من العقوبة.
علاج هذا النوع من الكذب يكون باستخدام الحوار والتفاهم، والأهم إشعاره بالأمان، والسؤال هنا: هل يمكن للوالدين أن يشعرا أبناءهما بالأمان إذا لم يكونا يشعران أصلاً بالأمن والطمأنينة فى قلبيهما؟ إن فاقد الشىء لا يعطيه؛ لذا ينبغى أن يتأملا أسباب عدم طمأنينتهما، سواء فى صلتهما بالله أو علاقتهما الزوجية أو ما يتصل بالعمل، فيبدآن أولاً بتحقيق الأمان والسكينة والطمأنينة لنفسيهما، والإكثار من الدواء الربانى، يقول علام الغيوب:
]أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ[. (الرعد: من الآية28).
خذ على سبيل المثال موقفاً قد نحتار فيه، عندما يقول الطفل لأمه: إنه يكره أخاه الجديد، يقولها لشعوره بالغيرة منه، قد تضربه أمه لقول الحقيقة وتقول له: عيب لا تقل هذا الكلام، أما إذا لف ودار وساير أمه وأعلن كذبة واضحة بأنه حاليا يحب أخاه قد تكافئه أمه بحضنه أو قبلة فيستنتج الطفل أن الحقيقة تؤذى، وأن عدم الأمانة وعدم الصدق يفيد، والأم تكافئه، إذن فهى تحب الكذبات الصغيرة العلاج لهذا النوع من الكذب (لا تقل يا بنى الحقيقة): قبوله بعيوبه والعمل على تعديلها، نعترف بمشاعره السلبية، ونظهر تفهمنا لها ونشعره باحترامنا لاستقلاليته، واستقلالية مشاعره عنا، وهذا كفيل ـ إن شاء الله ـ بزوالها، مع عدم لومه أو معاتبته عليها، مع العمل على علاج جذور المشكلة التى أدت إلى الشعور السلبى الذى رفضته الأم بطريقتها الخاطئة، كانت المشكلة أنه يغار من أخيه، هذا الأخ سرق اهتمام والديه، وأكل الجو عليه، فيكون العلاج بعد قبوله بمشاعره السلبية، أن نعمل على تغييرها بإعطائه مزيداً من الاهتمام الصادق والمشاركة فى اللعب والحديث وتحسين العلاقة بينه وبين أخيه بطريقة غير مباشرة مثلا: (أخوك يحتاجك .. أنت ستساعده .. هو يحتاج واحداً يلعب معه .. أنت الذى ستفهمه .. أنت الذى ستعلمه .. أنت الذى ستساعدنا على تربيته .. إلخ).
3-السبب الثالث من أسباب الكذب (الكذب الخيالى) وهو عند الأطفال الصغار.
لمدة معينة من حياة الغير، يعطى الطفل لنفسه ما يحتاجه من (الأمان) أو يتمناه من (الحنان) أو (الهدايا) من خلال الكذب الخيالى، فأكاذيبه هنا تتحدث عن مخاوفه وآماله، عندما يقول الطفل إن أحد أقاربه أهدى إليه سيارة حقيقية كسيارة والده، ويمكن أن ندرك رغبته وآماله فى ذلك، فنقول له: أنت تريد أن يكون عندك سيارة مثل سيارة أبيك.. صح.. أنت تريد أن يكون عندك سيارات كثيرة وسريعة .. جيد)، وهكذا مع مختلف الكذبات التى من هذا النوع، أظهر تفهمك لما خلف الكلام من المشاعر والمعانى، وساعده على إظهارها والتعرف عليها وقبولها منه، واحذر من الأخطاء الشائعة التى يقع فيها كثير من الآباء سواء من السخرية بهذه الكذبات أو نهره عن هذا الكلام أو اتهامه بالكذب، هذا الاتهام بالكذب سيؤدى به مستقبلاً إلى السبب الرابع من أسباب الكذب.
4-السبب الرابع من أسباب الكذب (يا كذاب) وهو أن يسمع والديه وهم يقولون له: يا كذاب، سواء بالتصريح أو التلميح بأنه بهذا الوصف الذى يكون عندما نرسل له هذه الرسالة (يا كذاب) هو أن نخزن فى عقله الباطن صورة الكذاب عن نفسه، فتحركه هذه الصورة نحو الكذب تلقائياً، خلاف ما لو كانت الصورة التى تطبعها فى ذهن ابنك عن نفسه صورة مشرقة، كصورة المجاهد والعالم الذى كانت إحدى الأمهات تذكر ابنها بها، وكانت هذه الصورة هى فعلاً الصورة التى بدأت تكسو شخصية هذا الابن وتحركه نحو الوصول إلى هذا الطموح الرائع.
ذكرنا إلى الآن أسباب الكذب عند الأطفال وهى:
1- عدم الأمان . 2 – لا تقل يا بنى الحقيقة.
5-السبب الخامس من أسباب الكذب: (أبى وأمى يكذبان أيضاً) وهذه مصيبة فى الحقيقة، قد يجد الابن والده يكذب على أمه، وأمه تكذب على والده، والاثنان يكذبان عليه أو على إخوته، وهكذا، فيرق للابن الكذب ويكتسبه من هذا البيت (بيت الكذابين)، وفضلا عن أن يكون كذاباً فهو يفقد الثقة بأحاديث والديه معه.
قال الشاعر:
كذبت ومن
يكذب فإنه جزاؤه |
|
إذا ما أتى
بالصدق ألا يصدقا |
الدين لا يفرق بين الكذب صغيره وكبيره، فكله كذب، كذلك الطفل، ولذلك يمكن للوالدين أن يسقطوا تاج الصدق عن رؤوسهم أمام أبنائهم بمداومة الكذب ولو فى الأشياء الصغيرة.
وعلى من يكذب من الآباء أن يتذكر قول الله تعالى: ]إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ[ (النحل:105) وعليهم أن يخشوا على أنفسهم الكذب وإثم تعليمه صغارهم فيشاركونهم الوزر كلما كذب هؤلاء الصغار مستقبلاً.
]مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ[ (قّ:18) وأنها من صفات المنافقين والفجار، وأن رسول الله e علمنا أن الكذب لا يكون فى مؤمن، وأن خوفنا من الله جعلنا نتوب من الكذب (لاحظ الاعتراف بكذبهم سابقاً)، وأنت أيضاً ستتوب من الكذب من هذه اللحظة، ثم اطلب من الطفل أن يتوضأ ويصلى ركعتين، ويستغفر الله (عشر مرات مثلاً)، وقل له: إنه كلما زاد فهذا أفضل، غالباً سيخبركم أنه استغفر أكثر فأظهر الفرح والإعجاب بذلك، وإن كان صغيراً لا يعرف الصلاة فيكفى الاستغفار ـ إن شاء الله ـ وبذل كل جهدك بعد ذلك بضبطه متلبساً بالصدق فتكرمه يتشجيعك وبالعفو عنه عند خطئه؛ لأنه صادق.