قصة الرجل الراضي بما قسم
الله
رجل كان يعيش في
البادية، وفي ليلة مات الحمار، الحمار مهم عنده، لأنه فلاح، فقالوا له: لقد مات
حمارك، فقال: خير والحمد لله، ثم قالوا له لقد مات كلبك، والكلب كان مهمًّا، لأنه
كان يحرس الماشية، فقال: خير والحمد لله، ثم قالوا له: لقد مات الديك، والديك كان
يوقظه لصلاة الفجر، فقال: خير والحمد لله، في ليلة واحدة مات الحمار، والكلب،
والديك، فلما أصبح أغارت قبيلة من الأعداء على هذه القرية فقتلت جميع من فيها إلا
هذا الرجل، هل تعرفون لماذا؟ لأن الحمار عندما ينهق فإن الأعداء واللصوص يعرفون أن
البيت فيه سكان، والديك عندما يصيح فإن اللصوص يعرفون أن البيت فيه سكان، وجميع
الناس عندهم كلاب إلا هذا الرجل مات كلبه، وجميع الناس عندهم حمير إلا هذا الرجل
مات حماره، وجميع الناس كان عندهم ديوك إلا هذا الرجل مات ديكه، هل تعرفون لماذا؟
لأنه رضي بقدر الله تعالى فنجاه الله تعالى، قال تعالى:
{مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي
أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى
اللهِ يَسِيرٌ} (الحديد:22)، ما أصابكم
أيها الناس من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم من الأمراض والجوع والأسقام إلا هو
مكتوب في اللوح المحفوظ من قبل أن تخلق الخليقة، إن ذلك على الله تعالى يسير، يعني
في كتاب قديم أزلي في علم الله "من قبل أن نبرأها"، يعني قبل أن تجري
عليكم في الأرض، فإنها معلومة في السماء، هل هذا الأمر صعب على الله؟ "إن ذلك
على الله يسير"، لماذا؟ لأنه علام الغيوب.
وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ
فِي أُخْرَاكُمْ
قال تعالى:
{إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أحَدٍ
وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غُمًّا بِغَمٍّ لِّكَيْلَا
تَحْزَنُواْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا
تَعْمَلُونَ} (آل عمران:153)، اذكروا يا
أصحاب محمد ما كان من أمركم حين صعدتم الجبل هاربين من أعدائكم لا تلتفتون إلى أحد
لما اعتراكم من الدهشة والخوف والرعب، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ثابت في
الميدان يناديكم من خلفكم قائلًا: إليَّ عباد الله، وأنتم لا تسمعون ولا تنظرون، فكان
جزاؤكم أن أنزل الله بكم ألمــًا وضيقًا وغمًّا، لكي لا تحزنوا على ما فاتكم من
نصر وغنيمة، ولا ما حلَّ بكم من خوف وهزيمة، والله خبير بجميع أعمالكم، لا يخفى
عليه منها شيء.
لا تحزن على ما فات ولا تفكر
كثيرًا فيما هو آت
لا تقل لو أنني
سافرت إلى العراق عندما كانت عراقًا أو سافرت للكويت عندما كانت كويتًا لكان عندى
بيت أربعة أدوار، وكانت عندي سيارة، وكان عندى كذا وكذا وكذا، لا، هذا خطأ كبير،
هذا سوء فهم لقدر الله، "لكيلا تأسوا على ما فاتكم"، لا تحزنوا على ما
فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم، لك أن تفرح بالله، تفرح بدرس ذقنا فيه حلاوة الإيمان
معًا، أخذنا فيه ملايين الحسنات، أما أن تفرح بزيادة مال فلا، لماذا؟ قال تعالى:{فَوَرَبِّكَ
لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ} (الحجر:92)، فوربك لنحاسبنهم يوم القيامة ولنجزينهم
أجمعين.. لكي لا تحزنوا على فاتكم من الدنيا، ولا تفرحوا بما آتاكم فرح بطر وأشر،
والله لا يحب كل متكبر بما أوتي من الدنيا، فخور به على غيره.