بسم الله الرحمن الرحيم
ما فعله عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه في
تاريخ الإسلام أمر لم يحدث إلا في حياة الصحابة بعد انتهاء حياة الصحابة ركز الناس على الدنيا
والمظهرية وحب الشهرة كان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه متعلقا بالآخرة وكان
يجمع الناس لكي يذكرهم بالآخرة
ذكر عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه بالبعث
بعد الموت وذكر الناس بعذاب القبر وذكر الناس بالوقوف بين يدي الله تعالى
الإنسان لم يخلق للدنيا وإنما خلق لكي ينتقل
من دار إلى دار وهذه الدار الآخرة هي الباقية وهي الحيوان
قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه في خطب
له: لا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم البقاء فيها فعن قليل عنها تنقلون وإلى
غيرها ترحلون فبادروا بها الفوت قبل حلول الموت ولا يطل بكم الأمد فتقسوا قلوبكم
كانوا يعتقدون أن الهارب من السلطان الجائر
يعد عاصيا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: أَلا وَإِنَّكُمْ تَعدونَ الهارب من
ظلم إِمَامه عَاصِيا أَلا وَإِن أولاهما بالمعصية الإِمَام الظَّالِم
أَلا
وَإِنِّي أعالج أمرا لَا يعين عَلَيْهِ إِلَّا الله قد فني عَلَيْهِ الْكَبِير
وَكبر عَلَيْهِ الصَّغِير وفصح عَلَيْهِ الأعجمي وَهَاجَر عَلَيْهِ الْأَعرَابِي
حَتَّى حسبوه دينا لَا يرَوْنَ الْحق غَيره
هناك أشياء تراكمت عبر السنين وأيقن الناس بها
أنها هي الصواب لكثرة وقوعها وقدم عهدها
ثمَّ قَالَ إِنَّه لحبيب إِلَيّ أَن أوفر
أَمْوَالكُم وَأَعْرَاضكُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
انتشار البدع مع كثرتها وتراكمها ليست دليلا
على أن البدعة أصبحت سنة ومهما تقادمت
البدعة وأصبحت قديمة وأجمع الجاهلون عليها فليست من الإسلام
لا حظ عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أن
الولاة الذين كانوا قبله كانوا يحاربون السنة النبوية ويلزمون الناس باتباع أهواء
لهم
تفاجأ عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه بهذا
وكان يقول: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
فإذا كان بعض الولاة قد تسول لهم نفوسهم الأمارة
بالسوء أو مجاملة الاخرين بأن يأمروا الناس بمعصية الله، أو يمهدوا السبيل لذلك،
فإنه لا طاعة لهم وكل ما أتى
على هوى فإنه يؤدي إلى فساد المجتمع
اجتماع الناس على الباطل يؤدي بالناس إلى
احترام الباطل ومهما اجتمع الناس على الباطل فهو باطل
لا بد أن نفرق بين ما هو سنة وبين ما هو بدعة
ظهر في دولة بني أمية العصبية القبلية وكل
واحد في بلد يحترم القبيلة أكثر من الإسلام
في دولة بني أمية عادت الأحلاف والتعصب
المبالغ فيه لمصلحة القبيلة على حساب الإسلام
قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا عصبية في
الإسلام
كتب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه إلى
الضحاك بن عبد الرحمن إن
مَا هاجني على كتابي هَذَا أَمر ذكر لي عَن رجال من أهل الْبَادِيَة
وَرِجَال أمروا حَدِيثا ظَاهر جفاؤهم قَلِيل
علمهمْ بِأَمْر الله اغتروا فِيهِ بِاللَّه غرَّة عَظِيمَة ونسوا فِيهِ بلاءه
نِسْيَانا عَظِيما وغيروا فِيهِ نعمه تغييرا لم يكن يصلح لَهُم أَن يبلغوه
وَذكر لي أَن رجَالًا من أُولَئِكَ يتحاربون
إِلَى مُضر وَإِلَى الْيمن يَزْعمُونَ أَنهم ولَايَة على من سواهُم
وَسُبْحَان الله وَبِحَمْدِهِ مَا أبعدهم من
شكر نعْمَة الله وأقربهم من كل مهلكة ومذلة وَصغر
قَاتلهم الله أَيَّة منزلَة نزلُوا وَمن أَي
أَمَان خَرجُوا أَو بِأَيّ أَمر لصقوا وَلَكِن قد عرفت أَن الشقي بنيته يشقى وَأَن
النَّار لم تخلق بَاطِلا
أولم
يسمعوا إِلَى قَول الله فِي كِتَابه {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إخْوَة فأصلحوا بَين
أخويكم وَاتَّقوا الله لَعَلَّكُمْ ترحمون}
{الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن
دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ۚ الْيَوْمَ
أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ
الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ
مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ ۙ فَإِنَّ اللَّهَ
غَفُورٌ رَّحِيمٌ (3)}المائدة
سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه هنا
يكسر أدمغة الباطل الذين اجتمعوا عليه وَقد
ذكر لي مَعَ ذَلِك أَن رجَالًا يتداعون إِلَى الْحلف وَقد نهى رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْحلف وَقَالَ لَا حلف فِي الْإِسْلَام قَالَ وَمَا
كَانَ من حلف فِي الْجَاهِلِيَّة فَلم يزده الْإِسْلَام إِلَّا شدَّة
وَأَنا أحذر كل من سمع كتابي هَذَا وَمن بلغه
أَن يتَّخذ غير الْإِسْلَام حصنا أَو دون الله وَدون رَسُوله وَدون الْمُؤمنِينَ
وليجة تحذيرا بعد تحذير
وَأشْهد عَلَيْهِم الَّذِي هُوَ آخذ بناصية كل
دَابَّة وَالَّذِي هُوَ أقرب إِلَى أن كل عبد من حبل الوريد
وإني لم آلكم الذي كتبته إليكم نصحا مع أني
أعلم لو أن أحد من الناس يحرك شيئا خذله الله تعالى إذا لم يكن في طاعة الله تعالى
هذا كلام كبير جدا يعالج الانحرافات الأخلاقية
والسلوكية والعشيرية الي كانت قبل سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه
لكي يقوم سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله
عنه بتغيير المفاهيم الباطلة في دولة بني أمية فهذه مسألة ليست سهلة أبدا
لا خلاف أنهم كانوا يعلمون أن سيدنا عمر بن
عبد العزيز رضي الله عنه سيعدل لا محالة فلم يستهن به أحد لأنهم يعرفون شدته في
الحق
الوحيد في تاريخ الإسلام الذي تصدى للظلم هو
سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه
الناس كانوا يقومون بين يدي حاكم فرفض سيدنا
عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه هذا الكلام
قال سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه:
إنما يقوم الناس لرب العالمين
سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه هو
الوحيد في تاريخ الأمة بعد الصحابة رضي الله عنهم لم يتخذ حاجبا
سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كان
يقدر أهل الفضل
قتادة بن النعمان هو الصحابي الذي قاتل مع
النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وكانت معركة شديدة فسالت عيناه فأتى النبي صلى
الله عليه وسلم وأرجع ماء عينيه مرة ثانية فعاد إليه بصره
دخل ابن قتادة بن النعمان على سيدنا عمر بن
عبد العزيز رضي الله عنه فقال مرتجلا
أنا
ابن الذي سالت على الخد عينه .. فردت بكف المصطفى أحسن الرد
فعادت كما كانت لأول أمرها .. فيا
حسنها عيبنا ويا حسن ما رد
من الفصاحة والنباهة عندما يكلمك أحد بالشعر
ترد عليه بالشعر
قال سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: تلك
المكارم لا قعبان من لبن.. شيبا بماء فعادا بعد أبوالا
ثم فتح له بيت المال كي يأخذ منه ما يشاء
إكرام الصالحين وأولاد الصحابة رضي الله عنهم
أمر واجب شرعا ولا خلاف عليه
قدم عليه زياد مولى ابن عياش ومعه مجموعة من
أصحابه فلما دخل سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه نسي أن يقول له السلام عليك
يا أمير المؤمنين
كان سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه
جالسا على مكان مرتفع فلما دخل زياد نزل حتى يستوي معه في الجلسة
وقال: إني أعظم أن أكون في موضع أعلو فيه على
زياد فلما قضى له أمره قال لخازن بيت المال: افتح له بيت المال كي يأخذ ما يشاء
فتردد خازن بيت المال ثم فتح له فدخل زياد ومن
معه فأخذوا بضعا وثمانين درهما فلما رأى ذلك الخازن تعجب
امرأة مصرية مسكينة اسمها فرتونة شكت إلى
سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أن السارقين يقفزون على بيتها فأرسل إلى
أيوب بن شرحبيل أن يذهب بنفسه لبناء السور لها
كتب إلى أيوب بن شرحبيل: أما بعد فإن فرتونة
مولاة ذي أصبح كتبت إلي تذكر قصر حائطها وأنه يسرق منها دجاجها وتسأل تحصينه لها
فإذا جاءك كتابي هذا فاركب أنت بنفسك إليها
حتى تحصن بيتها
فلما جاءه الكتاب ركب حتى أتى الجيزة فوصل
إليها فإذا هي سوداء مسكينة فأخبرها بكتاب سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه
{إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ
رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ (57) وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58)
وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (59) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا
آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ
رَاجِعُونَ (60) أُولَٰئِكَ يُسَارِعُونَ
فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61)} المؤمنون