ازرعوا في بيوتكم شجرة الإيمان

الرئيسية المقالات مقالات دينية

ازرعوا في بيوتكم شجرة الإيمان

ازرعوا في بيوتكم شجرة الإيمان
شجرة الإيمان خير من أشجار الدنيا وبساتين القصور، شجرةُ الإيمان عظيمة الأثر لها مكان تُغرس فيه، وهو البيوت المسلمة، وقلوب المؤمنين من أصحابها، ولها سقي خاص بها، وهو الطاعات والذكر والدعاء، ولها أصل وفرع وثَمَر.
إن خير مكان نزرع فيه شجرة الإيمان هو بيوتنا وقلوبنا قال الله تبارك وتعالى: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} [الزمر: 22].
أما خير سقي لهذه الشجرة المورقة التي تتساقط منها السكينة والرحمة والطمأنينة هو كلام الله، وذكر الله وطاعة الله يقول الله – تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ} [الأنعام: 122]، والنور هنا وحي الله - تبارك وتعالى - الذي به تحيا هذه الشجرة، ويقول - جلا وعلا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24].
أما أصلها فهي أصول الإيمان، وهي الإيمان بالله وملائكته وكُتبه ورُسله واليوم الآخر، والإيمان بالقدر؛ خيره وشره، قال الله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} [البقرة: 177]، وقال – تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا}[النساء: 136]، ويقول جلا وعلا: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ}[المائدة: 5]، ويقول جلا وعلا: {كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 285].
وأما فروعها فإنها الطاعات والقُربات، وبُعد العبد عن الحرام يقول - عليه الصلاة والسلام – (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا ينتهب نَهْبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن).
إن ثمار شجرة الإيمان أحب وأجمل وأبقى من ثمار الدنيا كلها فمن ثمار شجرة الإيمان حبُّ الله لأهل الإيمان: قال – تعالى – {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54].
وفي الحديث: (إن الله يعطي الدنيا من يحب، ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان إلا من يحب) رواه أحمد، فخير وصية لك أن تحب الله بكل قلبك، وكيف لا تحب الله، وما من طرفة عين إلا وله عليك نعمة وفضل، وكل شيء قد تكون مبالغًا في حبه إلا الله، فإنك مهما أحببته فإنك لا تزال مقصرًا في حبه، والله إذا أحببته أحبك، فإن تقربت منه شبرًا تقرب منك ذراعًا، وهو مع هذا كله أغنى ما يكون عنك.
ومما يبين عظم محبة الله للعبد المؤمن الحديث: (وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته) متفق عليه، أهل الإيمان عند الله يحبون الله، والله يحبهم ويرضون عن الله، والله راضٍ عنهم.
ومن ثمرات شجرة الإيمان ثبات القلوب {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27]. ومن ثمرات شجرة الإيمان الهداية والرحمة: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن: 11]، وقال سبحانه: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: 82]، أي الهداية التامة في كل أحوالهم، وفي جميع شئونهم، الهداية التي لا ضلال معها.
ومن ثمرات شجرة الإيمان لذة الطاعة وحلاوة المناجاة، ففي الحديث: (ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد رسولًا) رواه مسلم، قال ابن القيم في المدارج: (هذا الحديث عليه مدار مقامات الدين وتضمن الرضا بالربوبية والألوهية لله سبحانه، والرضا بالرسول والانقياد له، والرضا بدينه والتسليم له، ومن اجتمعت له هذه الطرق الأربعة فهو الصديق حقًّا نسأل الله العظيم أن يذيقنا حلاوة المناجاة والإيمان والطاعة.
وقد قيل ليحيى بن معاذ: متى يبلغ العبد مقام الرضا؟ قال: (بأربع: يقول: إن أعطيتني قبلت، وإن منعتني رضيت، وإن تركتني عبدت، وإن دعوتني أجبت).
ومن ثمرات شجرة الإيمان رضا الله عن أهل الإيمان، يقول الله عنهم: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} [البينة: 8].
وإذا رضي الله عن العبد أسعده وأرضاه، وثبت قلبه على الصراط المستقيم، ويسر له الخير حيث كان، وأينما كان وأينما توجه، بل يرضى الله عنه في الدنيا، ويرضى عنه عند الممات، ويذكر أن الحسن لما مات سمع الناس هاتفًا يقول: (لقد قدم الحسن البصري على الله وهو عنه راض).
ومن ثمرات شجرة الإيمان أن الله يحيي به قلب العبد فتصبح أشجانه وأحزانه كلهالله وللآخرة ففي الحديث: (كيف أصبحت يا حارثة؟ قال: مؤمنًا حقًّا، قال: إن لكل قول حقيقة قال: يا رسول الله، عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلي وأظمأت نهاري، وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزًا، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها، وكأني أنظر إلى أهل النار يتضاغون فيها).
ومن ثمرات شجرة الإيمان أن لهم الأمن التام، يقول الله: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: 82]، فأخبر - سبحانه - أن من وفِّق للإخلاص رزقه الله فائدتين الأمن التام والهداية في الدنيا والآخرة.
قيل: المراد بالأمن أمن الآخرة، قال – تعالى-: {أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [فصلت: 40]. ومن ثمرات شجرة الإيمان أن الله يدفع عن أهله كل مكروه، يقول الله: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} [الحج: 38].
ومن ثمرات شجرة الإيمان أنه إذا كان على طاعة دعته أخرى إليها، وذلك بأن يشرح الله صدره، وييسر أمره، ويكون سببًا للتوفيق لعمل آخر فيزداد بها عمل المؤمن: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} [الليل: 5- 7]، وقال سبحانه: {وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا} [الشورى: 23].
ومن ثمرات شجرة الإيمان استغفار الملائكة للمؤمن: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} [غافر: 7].
ومن ثمرات شجرة الإيمان عدم تسلط الشياطين على المؤمن: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [النحل: 99].
ومن ثمرات شجرة الإيمان الرزق الطيب: قال تعالى: {وَلَو أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى ءَامَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الأعراف:96] يقول الإمام الشوكاني - رحمه الله تعالى -: {لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} أي: يسرنا لهم خير السماء والأرض كما يحصل التيسير للأبواب المغلقة بفتح أبوابها.
نسأل الله العلي العظيم أن ينبت في قلوبنا شجرة الإيمان حتى نستظل بظلها في الدنيا والآخرة.


تصفح أيضا

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض