بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، تواضع كل شيء لعظمتك، واستسلم كل شيء لعظمتك وأشهد أن سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الدرس الثالث والأربعون بعنوان: الغفلة.
المعصية لها رائحة غير طيبة، ويتعرف منها الإنسان أنه في موضع الخذلان. العاصى بعيد عن رحمة الملك، لأن ذل المعصية وشؤمها هو أشد عقاب لصاحبها، وما كانت المعاصى معاصى إلا لأنها تمرد على الله وتجاوز لحقوق أقرها الله تعالى.
المعصية غواية من الشيطان يعقبها طرد من رحمة الله. المعصية تؤدى إلى الغواية ورغم هذا فكل معصية لها توبة، وكل الناس تعرف ذلك. أهم عطاء للعاصين أن الله فتح لهم أبواب رحمته. الكلام عن المعاصى تعرفون قسوته وشدته خاصة بعد أن تفعل المعصية ترى نفسك مهجورا. أما الغفلة فهى أشد خطورة عن المعاصى.
الغفلة استمرار فى الدنيا الفاتنة، والتعلق بالطين. الغفلة تعلق بالمرحلة الطينية فترى الغافل كسولا، وعنده فراغ بدني وعقلي. الفارغون من الطاعة ليسوا منشغلين بالله لكنه مثلا لا يصلى إلا الجمعة ويقول: بينى وبين الله عمار.
من الناس من يرتب نفسه ترتيبا شيطانيا.
الغافل هو الذى يمر عليه اليوم والليلة، وهو لا زال بعيدا لا يعبأ بزمان ولا مكان.
عندما يأتى موسم الحج والزكاة أو وقت الصلاة فكأنه ليس مخصوصا بهذا الذى يكون فى غفلة هو فى ضلال بعيد كبير.
المنافقون والغافلون يسألون أهل الجنة {أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [الحديد: 14]. الغافل لا يتذكر أن هناك موتا يقول: لسه بدرى. الموت أقرب إلى الإنسان من حبل الوريد يعيش لنفسه لا يتصدق ولا يصلى ولا يحج لا يعترف بحق الملك عليه.
أيها المؤمنون كلاهما خطر المعصية تتفق مع الغفلة أنها حرمان. الحياة لا جمال لها إلا بالطاعة مهما غفلت حياتك لها مجريان لا ثالث لهما:
الأول : تعيش كى تخدم على المجارى.
الثانى : تعيش كى تخدم على التراب.
وإذا كانت الحياة بهذه التفاهة، والدنيا بهذه التفاهة فلماذا أنت متزلزل عند أهدابها؟ نعيمها مقطوع ليلها طويل، وعذابها عسير. يا أيها الناس لا تغرنكم الحياة الدنيا .
إذا تعلقت بالدنيا فأنت للدنيا وعبد للدنيا . ألا هبى يا رائحة الجنة .
اليوم نلخصه فى كلمتين وهما: حياتك إلى المجارى والتراب إن كنت دنيويا .
إذا رضى الله عنك، فأنت مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. لقد انتهى وقتنا وأنا سعيد لأننى قشقشت لكم عن موضوع خطير.
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.